" إن الآداب التي شرعها الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم آداب شاملة ، آداب في الأكل والشرب وآداب في اللباس والنوم وآداب في معاملة الناس وآداب في كل شيء .
أما الآداب في الأكل والشرب فقد عَلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته أن يقولوا عند الأكل والشرب (( باسم الله )) متفق عليه - وأخبر أن من لم يسم الله شاركه الشيطان في أكله وشربه ، وأمرهم أن يأكلوا باليمين ويشربوا باليمين ونهاهم عن الأكل بالشمال والشرب بالشمال ،وقال
( إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله)) السلسلة الصحيحة 3 / 238 .
وأمر الآكل مع غيره أن يأكل مما يليه وقال
( إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها )) رواه مسلم .
وأما اللباس فالسنة فيه أن يبدأ عند اللبس باليمين فيدخل يده اليمنى قبل اليسرى ورجله اليمنى في النعال والسراويل قبل اليسرى وأما عند الخلع فيبدأ باليسرى قبل اليمنى ، وإذا لبس شيئًا جديدًا فليحمد الله الذي رزقه إياه من غير حول منه ولا قوة ورغب النبي صلى الله عليه وسلم أمته في لباس الثوب الجميل فقال: (( إن الله جميل يحب الجمال )) السلسلة الصحيحة 4 / 165.
وحرم على ذكور أمته لبس الحرير والذهب وأن يكون لبس الرجل نازلًا عن كعبيه وقال ((ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار )) صحيح الجامع ( 5529 )، وقال: (( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب )) - ( صحيح ) مختصر إرواء الغليل ( 900).
وأما النوم فالسنة فيه أن ينام على الجنب الأيمن وأن ينام على طهارة ويذكر الله حتى يغلبه النوم ويقرأ آية الكرسي فإن من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح وكان صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من منامه يقول : (( الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور )) رواه البخاري ،
وقال : (( إذا استيقظ أحدكم من نومه فليقل الحمد لله الذي رد عليَّ روحي وعافاني في جسدي وأذن لي بذكره )) ( حسن ) انظر حديث رقم : 329 في صحيح الجامع .
وأما الآداب في معاملة الناس ،فقد جاء صلى الله عليه وسلم بأكملها فحث على حسن الخلق وقال : (( أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا )) السلسلة الصحيحة 1 / 511 ، وقال (( لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق )) رواه مسلم .
وأمر بكل ما يجلب المودة والمحبة بين المؤمنين وجعل في ذلك أجرًا وخيرًا فقال صلى الله عليه وسلم
(لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم )) رواه مسلم.
وقال
( إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام )) الصحيحة ( 3382) .
وأمر بالصدق في كل شيء وقال
( إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا )) متفق عليه .
وشملت الآداب الإسلامية كل شيء حتى الرجل عندما يريد أن يقضي حاجة بول أو غائط فقد جعل له آدابًا فعندما يريد الدخول إلى محل قضاء الحاجة يقول: ( باسم الله، أعوذ بالله من الخبث و الخبائث)، ويقدم رجله اليسرى وإذا خرج قدم رجله اليمنى وقال: ( غفرانك ).
ومن الآداب الإسلامية أن يستعمل الإنسان يده اليمنى عند الأخذ والعطاء فيأخذ بيمينه ويعطي بيمينه ولا يستعمل اليسار إلا عند الحاجة .
فاتقوا الله أيها المسلمون وتأدبوا بما بلغكم من الآداب الإسلامية لترتقوا إلى الكمال الخلقي والتعاملي وتفوزوا بخير الدنيا والآخرة .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا " ( النساء 26-28 ).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ".
---> من كتاب الضياء اللامع من الخطب الجوامع
للعلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- .