تعليقاً على تصريحات لمحافظ البنك المركزي..
خبير اقتصادي: هبوط الريال سببه فشل السياسة النقدية وليس الإشاعات
09/02/2010 الصحوة نت – صنعاء:
أكد خبير اقتصادي أن استمرار هبوط الريال اليمني أمام الدولار يرجع لفشل السياسة النقدية التي يديرها البنك المركزي وليس بسبب الإشاعات والبلبلة التي تحدث عنها محافظ البنك المركزي في حيث صحفي لأسبوعية 26سبتمبر، مشيرا إلى أن تبريره غير منطقي ويعكس فشل البنك في المحافظة على استقرار العملة الوطنية.
وقال الدكتور أنور الصبري في مقال تحليلي نشرته الزميلة الغد في عددها الأخير "يصدم القارئ- العادي – فما بالكم بالمتخصص بالشأن الاقتصادي وهو يقرأ الحديث الصحفي لمحافظ البنك المركزي المنشور في صحيفة 26سبتمبرالعدد 1497 والصادر الخميس الماضي الموافق 4 فبراير الجاري".
ومرد الصدمة – يضيف الصبري - أن الرجل يتحدث عن انجازات عملاقه حققها البنك خلال السنوات الأخيرة, مع أن الدلائل تشير عكس ذلك, وهو ما يحكيه الواقع ويعرفه عامة الناس. إذ أن تدهور الريال إلى أدنى مستوى له منذ تنفيذ اليمن للإصلاحات الاقتصادية في عام 1995 بوصوله إلى 213 ريالا للدولار يوم الخميس الماضي, وذلك من 50 ريالا في منتصف التسعينيات لهو دليل مادي لا يقبل الشك والتشكيك, فما بالكم بالمغالطة – وعلى عينك يا مواطن – وأين ؟ في وضح النهار وبدون خجل أو حياء؟؟" – حد تعبيره.
وأضاف الصبري: والأكثر إيلاما أن المحافظ لم يعترف بالفشل, أو على الأقل الاعتراف بالأخطاء القاتلة للسياسة النقدية التي أرتكبها البنك المركزي والتي قادت إلى هذا التدهور, بل ذهب يكيل التهم لمنتقدي الأخطاء ووصف الانتقادات التي وجهها العديد من المسئولين الحكوميين وخبراء الاقتصاد بأنها (حديث مقايل) و(نظريات كتب) متهما إياهم بالفشل بقوله (هذه الانتقادات نظريه بحته قد ينقلها أصحابها من الكتب وعندما توكل إليه مهمة عمليه يغرق في شبر من الماء, ويفشل فشلا ذريعتا).
وتابع قائلاً : كان الأجدى بالمحافظ أن يسأل نفسه من الذي فشل فشلا ذريعا هنا, الذين أخفقوا في المحافظة على سعر الصرف, وبسببهم تدهور الريال أم أصحاب نظريات الكتب والذين يسدون النصح لصاحب المعالي؟، لكنه على ما يبدو لا يحب الناصحين.ولا ندري من الذي غرق في شبر بل في بحر من الماء أصحاب النظريات أما المسئول الذي قادت سياسته إلى إغراق البلاد بأكملها بفيضان من التدهور المريع في سعر الصرف".
وردا عن قول السماوي بان (أن نظام سعر الصرف الذي تطبقه بلادنا من أفضل أنظمة سعر الصرف) تساءل الدكتور الصبري, إذا كان هذا النظام هو الأفضل فلماذا الهبوط المستمر لأسعار الصرف ؟ أليس من المفترض أن يكون هذا النظام محافظا على قيمة العملة الوطنية لا سببا في تدهورها؟ وإذا كان هذا النظام هو الأفضل فأين تكمن المشكلة ؟ هل في عدم القدرة على تطبيق هذا النظام ؟ أم في السياسات النقدية الخاطئة المنفذة من قبل البنك؟.
واستطرد حديثه قائلا: وما يثير الاستغراب أن معالي المحافظ أرجع السبب الرئيسي لارتفاع الدولار وهبوط الريال, إلى البلبلة والإشاعات حيث يقول "ما حدث من تطورات في سعر العملة مؤخرا نتج عن إشاعات وبلبله حول الاقتصاد وقدرته على امتصاص التطورات المحلية "، فهل من المعقول بأن الإشاعات تعتبر سببا رئيسيا لتقلبات سعر الصرف؟ أم أن هناك عوامل عديدة؟.
وأكد أن الاضطرابات الكبيرة التي شهدتها أسعار الصرف خلال العامين الأخيرين ليس مرده الاشاعه ,وإنما نتيجة عوامل عده أبرزها فشل السياسة النقدية التي أتبعها البنك المركزي في التدخل بسوق الصرف في الوقت المناسب, اذ يشكو الصرافين والبنوك من عدم تلبية البنك لاحتياجاتهم من النقد الأجنبي عندما تكون هناك شحه في الأسواق. وهذا ما يؤدي إلى ارتفاع الدولار أمام الريال . وقد تناول العديد من الخبراء والأكاديميين هذا الموضوع, غير أن البنك ربما يغمض عينيه عن قراءة مثل هذه النصائح, ويصم آذانه عن سماع مثل انتقادات كهذه, بل ويرفض الاعتراف بالخطأ.
وللتدليل على ذلك أشار الصبري إلى أن الاستمرار في هذه السياسة الخاطئة وعدم مقدرة البنك على استخدام الأدوات النقدية المتنوعة التي يمكن للبنك الحفاظ على استقرار العملة يؤدي إلى تأخره في التدخل، وهذا يقود بدوره إلى ارتفاع الدولار بنسب كبيرة، ويؤدي إلى زيادة الطلب عليه مما يخلق حالة من الهلع في السوق المصرفية، وهذا ما حدث خلال شهر يونيو من العام الماضي، إذ تشير تقارير إلى أن الطلبات على النقد الأجنبي بلغت في 16 يونيو بلغت 174 مليون دولار بينما لم يضخ البنك المركزي سوى 38 مليون دولار. وفي 27 من الشهر نفسه أضطر البنك لضخ 155 مليون دولار، غير أن احتياجات البنوك والصرافين كانت بحدود 257 مليون دولار. وبالتالي فإن عدم استجابة البنك لطلبات السوق المصرفية أدى إلى هبوط الريال إلى205 ريالا وهذا ما حدث في يناير 2010م حيث لم يلب البنك الطلبات دفعه واحده ليلجم ارتفاع الدولار ويوقف الإشاعات، بل تدخل ثلاث مرات خلال هذا الشهر وبمبلغ يقترب من نصف مليار دولار. ولو أنه لبى احتياجات الأسواق بسرعة لما حدث هذا الارتفاع الكبير في أسعار الدولار، وفقاً لما ذكر الصبري في مقالته التحليلية في الغد.
ولفت إلى أن حديث المحافظ بأن البنك اتخذ العديد من الإجراءات التي تهدف إلى تحقيق استقرار لم يتحقق كلام غير منطقي ولا يقبله العقل وإذ أن الدولار بعد تراجعه من 218 ريال بعد ضخ البنك للنصف المليار دولار، إلى 211ريال عاد ليرتفع مجدداًَ فوق 213 ريال للدولار ويتوقع مصرفون ارتفاعه في الأيام المقبلة. أما الثقة التي يتحدث عنها فلم تعد موجودة بدليل أن أصحاب الرأسمال والودائع حولوا أموالهم إلى الدولار، وهو يعرف هذه الحقيقة حق المعرفة، كما أن التجار وأصحاب قطع الغيار ومعارض السيارات وبائعي السلع الالكترونية أصبحت تعاملاتهم بالدولار بدلاً عن الريال نظراً لعدم ثقتهم بالريال وتخوفا من هبوطه المستمر . مما أدى إلى التوجه نحو "الدولرة"، وهذا يعكس فشل البنك المركزي في تعزيز الثقة بالعملة.
وقال الخبير الإقتصادي الصبري: كنت أتمنى لو أن المحافظ ذكر الأرقام المتعلقة بودائع الريال التي تحولت إلى الدولار خلال شهر يناير 2010م، لكنه تجاهل ذلك لأنه يعرف أن ذكرها ليس في صالحه.
وأعرب عن استغرابه أن يوجه المحافظ وعظاً لمشتري العملة الأجنبية وحاول إقناعهم بأن العائد على الريال أفضل من العائد على الدولار، وكأنه يخاطب عامة الناس والجهلة أو الأميين منهم والذي لا يفهمون شيئاً عن الاقتصاد والتعاملات النقدي. وأردف قائلا: لا أدري هل تناسى معالي المحافظ أن هذه الشريحة التي يحاول الكذب عليها هي من أذكى الشرائح وأكثرها فهماً منه واستيعاباً لما يجري- فكيف لمستثمر أو تاجر أو صرف أو مصرفي أن يستوعب أن ادخاره بالريال أفضل مع أن الدلائل تشير عكس ذلك، إذ أن الانخفاض المتواصل للريال يفوق العائد عليه والذي قال إنه يصل إلى 15%، كما أن العائد على العملة الأجنبية وإن كانت ضئيلة فإن ارتفاع سعرها يعوض العائد المتدني بل ويحقق أرباحاً كبيرة. فهل رجال الأعمال أغبياء و لا يفهمون وقائع كهذه؟ وهل من المعقول أن يصدقوا كلاماً كهذا؟