بيان صادر عن المشترك بشأن المستجدات الراهنة على الساحة اليمنية
07/01/2010 الصحوة نت – خاص:
لقد باتت جليا اليوم بأن ما شهدته الأيام القليلة المنصرمة من متغيرات متسارعة في مسار الأزمة الوطنية المركبة، بمظاهرها الساخنة والمتفاقمة قد قذفت باليمن دفعة واحدة إلى حالة الانكشاف السافر على الداخل والخارج معاً كبلد آيل إلى الفشل والانهيار، تصدر على إثرها واجهة الاهتمامات الإقليمية والدولية ولاسيما على خلفية ورقة القاعدة وملفها في اليمن التي حازت على الاهتمام الإعلامي والسياسي أكثر من غيرها من المظاهر والمسارات الملتهبة للأزمة الوطنية الشاملة المتفاقمة في البلاد كنتاج طبيعي لحالة الفساد والاستبداد المتفشية في مختلف المفاصل الحيوية لأجهزة الدولة منتجة حالة من البؤس والتردي الشديد للأوضاع الاقتصادية والمعيشية للغالبية العظمى من السكان الذي تسحقهم يوميا حالة البطالة والفقر والجوع والعوز وتفتك بهم الأوبئة والأمراض المتفشية في مختلف محافظات الجمهورية.
وفي ذات الاتجاه تمعن السلطة في تكريس الحلول العسكرية والأمنية والإفراط في استخدام القوة وأدوات القمع والعنف والحروب الأهلية العبثية في التعاطي مع الخصوم والمشكلات السياسية والاجتماعية الداخلية مترافقة مع الحرب السادسة بإستراتيجيتها الجديدة (الأرض المحروقة) المستعرة على مدى أكثر من نصف عام في محافظة صعدة وحرف سفيان وامتدادها الإقليمية على طول الحدود السعودية بكل ما تسفر عنه من دمار هائل ومآسي دموية وإنسانية بشعة، طالت المواطنين والنازحين من الأطفال والنساء والشيوخ، وبما تستقطبه من تداعيات إقليمية ودولية تلقي بظلالها القاتمة على السيادة الوطنية مترافقة مع تصاعد الاحتقانات والاحتجاجات الشعبية الصاخبة في الجنوب وتصاعد أعمال القمع والعنف والقتل التي تواجه بها تلك الاحتجاجات السلمية بما في ذلك التصرفات الفردية غير المسئولة لمظاهر العنف المضاد وقطع الطرقات والإضرار بمصالح المواطنين، متزامنة مع حرب غير معلنة على هامش الممارسة الديمقراطية والصحف والصحفيين والتعبير عن الرأي وغيرها من الانتهاكات السافرة للدستور والقانون وكان أشدها وأكثرها بشاعة ما ترافق مع الحملة الإعلامية الرسمية والدولية المنطلقة مؤخراً بشأن القاعدة في اليمن من قصف جوي عشوائي طال العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ ضحايا الغارات الجوية في منطقة (المعجلة) في محافظة أبين وفي مناطق القتال في محافظة صعدة وحرف سفيان ومنطقة رازح على وجه الخصوص، الأمر الذي حضي بإدانة المشترك واستنكار قطاعات واسعة من الشعب.
واتساق مع ذات المشهد الدموي جاءت الأحداث القمعية التي أقدمت عليها الأجهزة الأمنية في محافظة عدن بحق صحيفة الأيام والمعتصمين والمتضامنين معها خلال اليومين المنصرمين.
وفي هذا الصدد فإن أحزاب اللقاء المشترك إذ تدين بشدة هذه الأحداث الدموية واستخدام القوة والعنف ضد المعتصمين المسالمين المتضامنين مع صحيفة الأيام، تحذر في ذات الوقت من مغبة التمادي في قمع الحقوق والحريات السياسية والمدنية والحيلولة دون ممارسة المواطنين لحقوقهم الدستورية في الاحتجاج السلمي الديمقراطي الحضاري ويحمل السلطة التبعات والنتائج التي أسفرت عنها.
ويدعو في ذات الوقت إلى الإفراج الفوري عن كافة الرهائن وجميع المعتقلين السياسيين والمتضامنين مع صحيفة الأيام وفي المقدمة منهم أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني، علي منصر محمد السكرتير الأول لمنظمة الحزب في محافظة عدن والدكتور واعد باذيب عضو المكتب السياسي للحزب والدكتور قاسم داوود عضو اللجنة المركزية السكرتير الثاني لمنظمة الحزب في المحافظة. وهشام باشراحيل رئيس تحرير صحيفة الأيام وغيرهم من المعتقلين تعسفيا لدى الأجهزة الأمنية.
كما يدعو المشترك إلى إجراء تحقيق محايد وشفاف يكشف تفاصيل العملية وتداعياتها للرأي العام وإحالة المتورطين في عملية القتل والعنف والقصف المرافق لمبنى الصحيفة إلى المساءلة القانونية أيا كانوا.
ويرى المشترك في ظاهرتي رهائن صحيفة الأيام المحتجزين لدى أمن عدن وفي حالة الاستعباد والتهجير الجماعي الواسع للمواطنين التي يمارسها على نطاق واسع شيخ الجعاشن مظهرين نمطيين مستهجنين للنكوص إلى أسوأ الممارسات للعهد الإمامي في مرحلة ما قبل الثورة.
وأمام مجمل المعطيات المستجدة في تفاصيل المشهد السياسي المأزوم الراهن والذي يزداد سخونة مع تناسل واستنساخ الأزمات المركبة التي ما انفكت تنتهجها السياسات المغامرة والمتطرفة بتداعياتها ومخاطرها المدمرة للنسيج الاجتماعي الوطني فإن أحزاب اللقاء المشترك تعلن الموافق التالية:
أولاً: ترى أحزاب اللقاء المشترك في درء عملية الانهيار أو السقوط في دوامة الفوضى والعنف والحروب الأهلية أولوية وطنية تقتضي فتح الأبواب الموصدة أمام جميع الأطراف السياسية الفاعلة في الساحة الوطنية لإجراء حوار وطني جاد وشامل لكل القضايا والمشكلات الوطنية دون استثناء ويرى في رؤيته المقترحة لتنفيذ اتفاق 23 فبراير 2009م بين الأحزاب الممثلة في مجلس النواب باعتباره أساسا للتوافق الوطني ومصدراً لمشروعية المؤسسات التشريعية والحكومية ومرجعا للحوار الوطني آلية جادة وفعالة ومبادرة وطنية ومسئولة في هذه اللحظة التاريخية بالغة الخطورة تأخذ في الاعتبار المعطيات الراهنة مقترحة خيارات عملية مرنة تضمن توفير الظروف والمناخات المناسبة لإنجاح الحوار وتحرص على مشاركة الجميع فيه دونما استثناء وترى السلطة والمؤتمر الشعبي العام أمام مسئوليتهما الوطنية والتاريخية في هذا الظرف العصيب - ولاسيما بعد تسليمهما الرؤية رسميا في تاريخ 3/1/2010م ولم يأت الرد بشأنها حتى اليوم - اعتبار الحوار الوطني الشامل خيار الفرصة الأخيرة لدرء الانهيار وإنقاذ الوطن من دوامة أزماته المتتالية ووضعه على طريق النمو والتطور الاجتماعي والاقتصادي المنشود.
ثانيا:ً تؤكد أحزاب اللقاء المشترك على ضرورة التوافق الوطني لنبذ نهج الحرب واستخدام القوة والعنف وتحديد وتقييد استخدام السلاح في حياتنا السياسية والاجتماعية انطلاقاً من استحالة الجمع بين الديمقراطية والعنف في وقت واحد. فأينما تغيب الممارسة الديمقراطية الواسعة يحضر العنف والإرهاب.
ثالثاً: تشدد أحزاب اللقاء المشترك على أن الحلول العسكرية والأمنية المتطرفة التي تعتمدها السلطة كأسلوب وحيد للتعاطي مع الأزمات السياسية والوطنية التي أنتجتها سياساتها الخاطئة والأسلوب ذاته المنتج للتطرف والعنف المضاد لعنف السلطة كما أنه البيئة المنتجة للإرهاب وعناصر القاعدة وهو الأسلوب الذي فتح الأبواب لأقلمة وتدويل الشؤون الداخلية بصورة بات معها القرار الخارجي حاضراً وبقوة في النزاعات والحروب الأهلية على النحو الذي يضع مستقبل البلاد بأكمله رهن القرار الخارجي.
رابعا: إن أحزاب اللقاء المشترك إذ تتفهم القلق الدولي بشأن ملف القاعدة في اليمن الذي تحتكر السلطة تفاصيله تؤكد في ذات الوقت على أن القاعدة إنما تمثل أحد مظاهر الأزمة الوطنية الشاملة التي أنتجتها السياسات الخاطئة للسلطة وأن معالجتها لا يمكن أن تتم إلا في إطار المعالجة الشاملة للأزمة السياسية ولا تقتصر على الحلول العسكرية والأمنية فحسب بقدر ما هي بحاجة إلى معالجات شاملة بأبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية لتجفيف منابعها والأسباب المنتجة لها.
وفي ذات السياق يحذر المشترك من النتائج الوخيمة المترتبة على استخدام ملف القاعدة والإرهاب كورقة سياسية ترفعها السلطة في وجه الحياة السياسية للهروب من الاستحقاقات الدستورية والقانونية المناطة بها وتنفيذ الإصلاحات السياسية والوطنية في الاتفاقيات والتوافقات الموقعة عليها، أو في تبرير التراجع عن الديمقراطية والتعددية الحزبية والسياسية، أو استخدامها لتبرير عنف السلطة وقمعها للاحتجاجات السلمية أو الحراك السياسي في المحافظات الجنوبية، أو لتعريض السيادة الوطنية للخطر ورهنها لقرارات الخارج تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.
خامساً: تجدد أحزاب اللقاء المشترك التأكيد على أن الأزمة الوطنية الشاملة بمظاهرها المختلفة ومساراتها المتفاقمة وبؤرها الملتهبة كالحرب في صعدة والقضية الجنوبية وقضية القاعدة وقضايا الانتهاكات المتصاعدة للحقوق والحريات العامة بما في ذلك قضايا الصحافة والصحفيين وحرية الرأي والتعبير، إلى جانب القضايا الاقتصادية والمعيشية المتردية التي تدفع بالبلاد نحو الفشل والانهيار، هي اليوم بحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى ـ وقبل فوات الأوان ـ إلى حزمة متكاملة من الاصلاحات الديمقراطية والحلول والمعالجات السياسية والوطنية والاقتصادية والاجتماعية النوعية الشاملة يشارك فيها الجميع ولا سيما بعد أن أضحت معالجتها فوق قدرة وإمكانية أي طرف سياسي منفرداً مهما أوتي من قوة أو امتلك من إمكانيات.
سادساً: تتطلع أحزاب اللقاء المشترك إلى دور فاعل للمجتمع الدولي والأشقاء والأصدقاء في دعم ومساندة الخيارات السياسية السلمية والديمقراطية لمعالجة الأزمة الوطنية وفي رعاية الحوار الوطني الشامل بمجرياته وما سيتمخض عنه من نتائج ومعالجات ملزمة التنفيذ وبما يضمن وقف انهيار اليمن والحفاظ على وحدته واستقراره وديمقراطيته
والله ولي التوفيق،،
صادر عن المجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك
صنعاء